Articles
The New Sunday
Monday, May 03, 2010 - By Patriarch Zakka 1 Iwas
«قال الرب يسوع: لأنك رأيتني يا توما آمنت، طوبى للذين لم يروا وآمنوا» (يو 20 : 29)
المسيح مات على الصليب، حقاً مات ويصفه الرسول بولس: الله ظهر بالجسد، ويقول مار اسحق: «فخر الكنيسة أن الله مات على الصليب»، وهو ولئن مات ودفن في القبر الجديد الذي لم يدفن به أحد، لكن لاهوته لم ينفصل عن ناسوته ولا عن نفسه ولا عن جسده لحظة واحدة، مات بإرادته كما تنبأ عن نفسه: لا بدَّ أن يموت، إن لم يظهر الله بالجسد لكان موته موت شهيد فاضل ولكن موته على الصليب وهو الإله المتجسد كان فداءً للبشرية وكان الكفّارة الصالحة التي طهّرت وقدّست الإنسان المؤمن بالمسيح وجعلته أهلاً لأن يكون ابناً للسماء، هذا الميت دُفِن في القبر الجديد لو ضمّه القبر إلى الأبد، لدفنت معه رسالته الإلهية، رسالة الفداء، فكما كانت النار تهبط من السماء على الذبيحة التي كانت تقدم لله وتلتهمها كما جرى للنبي إيليا ليعلن الرب أنه قبل الذبيحة. كذلك كان لا بدّ أن يقوم المسيح من بين الأموات بقوّته الذاتيّة وإرادته التامّة لكي نؤمن أنه هو حقاً الكفّارة عن خطايانا وأن الآب السماوي الذي أحبَّ العالم بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل قَبِل هذه الكفّارة، فإن لم يقم المسيح من بين الأموات باطل إيمانكم ـ يقول الرسول بولس ـ وباطلة هي كرازتنا أنتم بعد في خطاياكم، لكن المسيح قد قام وصار باكورة الراقدين.
البراهين الحسّية والفرائض التامّة الشاملة الكاملة، كلّها تعلن حقيقة قيامة المسيح من بين الأموات، هذا القبر الفارغ، هذه الأكفان الموضوعة بانتظام، هذا ملاك من الملائكة نزل هناك، بُشِّرَت النسوة أنهن قد جئن يطلبن المسيح المصلوب، ليس هو ههنا ولكنه قد قام كما قال. كما أعلن ذلك لرسله أنه يتألّم ويموت، حقّاً مات وأنه يقوم في اليوم الثالث، قام وحقيقة القيامة تنجلي وتتوضّح كالشمس في رابعة النهار، قام وظهر خمس مرّات بيوم قيامته للنسوة حاملات الطيب، للمجدليّة، ظهر لتلميذَي عمواس، لبطرس، للتلاميذ جميعاً في العلّية مساء ذلك اليوم ظهر والأبواب كانت مغلقة.
عندما كان الرب يسوع خلال تدبيره العلني بالجسد، يظهر للناس بجسده المقدس الذي سيكون لكل واحد منّا إن آمن به وقَبِل الفداء والخلاص بالمسيح وسلك في الحياة بموجب شريعة المسيح سيكون في الأبدية على ملء قامة المسيح في ذلك الجسد، ويكون شاباً مثلماً كان المسيح شاباً وهذا الجسد لا نراه بالعين المجرّدة إلاّ عندما يريد الرب يسوع أن يُرى من الناس، ظهر في العلية ونفخ في وجوههم، أعطاهم بل أكّد عليهم سلطان غفران الخطايا وحلّها، أعطاهم مفاتيح السماء بعد أن كانوا مضطربين بل خجلين لأنهم هربوا عندما كان في بؤرة آلامه وصلبه كان واحدهم أن زعيمهم بطرس قد أنكره ثلاث مرات قبل أن صاح الديك مرتين. سلاماً أعطاهم وبذلك ارتاحت واطمأنّت نفوسهم، خافوا أوّلاً، ظنّوه خيالاً.
كان اليهود يؤمنون أن نفس الموتى أحياناً تتجسّد وترعب الناس، لكن السيد المسيح أراهم يديه ورجلَيه وجنبه، قال لهم: هلمّوا، مسّوني أنا هو، الخيال ليس له لحم وعظام.
المسكين توما لم يكن معهم، لنضع أنفسنا مكان توما ألا يمتلئ قلبنا حزناً وكآبة ويأساً: لماذا شاء الرب أن يظهر وأنا لستُ مع إخوتي التلاميذ، خبّروه بكل ذلك بما قاله المسيح عن نفسه وأنه أراهم جروحاته التي جُرِح فيها. قال: إن لم أضع إصبعي في موضع المسامير، يكرر توما ذلك وأضع يديَّ في جنبه لا أؤمن. مرّت الأيام الثمانية، أيّام مضت على توما وهو كريشة في مهب الريح وهو حزينٌ كئيبٌ مضطربٌ، أين هي الدروس التي تلقّاها من المسيح يسوع مدّة ثلاث سنين وستة أشهر، حيث أنه تلقّن مع إخوته التلاميذ أسرار ملكوت الله، كل شيء لأن المسيح لم يشأ أن يكون توما بينهم لما ظهر لجميعهم في العلية، لكن توما يُمتَدَح لأنه لم يترك التلاميذ إخوته إذ هناك أمل، فشكّه هو طريق إلى الإيمان، هذه طريقة كل واحد منّا عندما يخطئ تجاه الرب، عندما يشك ببعض حقائق الإيمان لأنه ليس متعمّقاً بدراستها أو لأنه لا يريد أن يخضع لتعاليم الرب كالأطفال ويكون إيمانه إيمان القلب أكثر من إيمان الفكر.
هذا الذي يؤمن بالإله الواحد الأحد وبوصيّة أبناء الله الذي يقول له ولنا: ألاّ نسجد إلاّ لله الواحد الأحد، سجود عبادة، لا سجود إكرام، وكان سجوده سجود عبادة لذلك قال: ربي وإلهي، وتوما ينادي الرب ربّاً وهو يرى أمامه إنساناً. هنا تأتي وحدة الطبيعتَين للمسيح يسوع، بإمكاننا أن نطلق عليه اسمَين: الإنسانية والإلهيّة في آن واحد لأنه هو الإله المتجسّد، ولفظة ربِّي لم تكن ولن تكون من الألقاب التي نطلقها على بشرٍ، نطلقها فقط على الله، في أسفار العهد القديم كان يُكتَب اسم الله الذي يعني أنا هو الكائن ولكن عندما يقرأ الكاهن يقول: سيِّدي وربِّي.
ربِّي إذن كلمة سامية تُطلَق على الله، فآمن توما أيضاً أن المسيح الإله وهو الرب وهو الإله ربي وإلهي ويعطف عليه الرب بلطفه إذاً يا توما أمنت فطوبى للذين لم يروا وآمنوا طوبى لأجيال المسيحية كافة طوبى لكم ولمن سيأتي بعدنا وإلى أبد الآبدين والذين سبقونا وآمنوا أن المسيح قد تجسد من العذراء مريم وروح القدس وأنه تألم وصلب ومات على الصليب وأنه و دفن في القبر الجديد قد قام وأقامنا معه وكما يقول الرسول بولس قد دفنا معه للمعمودية بالموت عندما نعتمد ونحن نتبع الطريقة الرسولية لتغطيس المعتمد في الماء نكون قد دفنا مع المسيح بالموت وكما قام المسيح من بين الأموات كذلك نقوم نحن أيضاً في جدة الحياة. ثم لتوما أيضاً لأن شكوكه صارت سبباً لا لإيمانه فقط بل لإيمان الملايين الملايين من الناس الذين آمنوا أن الشخص الذي ظهر للرسل هو هو الذي مات وقام من بين الأموات بقوته الذاتية وإرادته الإلهية وفي هذا اليوم نتأمل توما ونراه دائماً مشككاً ولكن الحقيقة لازم أن ننظر إليه كمؤمن وإنه آمن كسائر الرسل لاهوت المسيح يسوع ربنا. وتوما نكرمه ونبجله نحن سكان العراق لأنه هو رسولنا قد جاء بطريقه إلى الهند إلى الموصل ودخل بيت أحد المجوس المنجمين الثلاثة وهو ذلك البيت قد تحول إلى كنيسة مار نوما كنيستنا المقدسة القديمة في العهد التي شيدت كبيت في بدء المسيحية وإننا نعرف من تاريخ الكنيسة أن توما ذهب إلى الهند وبشر هناك وإنه استشهد وهو يعلن أن المسيح هو الرب وهو الإله وهو الذي مات ودفن وقام وفدى البشرية فبعد أن نقل جثمانه الطاهر إلى الرها استطاعت الموصل عن طريق الكرسي الرسولي أن تحصل على جزء من ذخيرته المقدسة شاء الله أن نكتشفها في عهد مطرنتنا في الموصل سنة 1964 وهي ذخيرة ثمينة لأننا نتشفع للرسول توما عندما نقف عند تلك الذخيرة المقدسة متذكرين أن علينا أن نؤمن بالمسيح يسوع القائم من بين الأموات وأن نراه بعيننا المجردة.
ليكن عيد القيامة عيداً مباركاً عليكم أيها الأحباء وليكن مار توما شفيعاً لنا في السماء ولنثبت على إيماننا المقدس الذي تسلمناه من مار توما ومن سائر الرسل لكي نستحق الطوبى التي أعطاها الرب يسوع للذين آمنوا به ولم يروه بعينهم المجردة لنراه في عين قلوبنا وليسكن على تلك القلوب والعقول إلى الأبد. ونعمة ربنا تشملكم بشفاعة هذا القديس العظيم في هذا اليوم وفي كل يوم، آمين.
|